نحن ننظر للغد بعيني الناس ،ونحكم علي الغد بظروفنا الحالية ،وأنّه يستحيل أن تتبدّل وتتغير الظروف بين عشية وضحاها
الحصار شديد ومحكم علينا جدّاً ،والمجاعة مخيفة وخانقة ،وأليشع يقول " اسْمَعُوا كَلاَمَ الرَّبِّ. هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: فِي مِثْلِ هذَا الْوَقْتِ غَدًا تَكُونُ كَيْلَةُ الدَّقِيقِ بِشَاقِل، وَكَيْلَتَا الشَّعِيرِ بِشَاقِل فِي بَابِ السَّامِرَةِ».2مل1:7
فمن يصدّق أليشع ،أليس حقّاً سخرَ هذا الجندي من كلام أليشع قائلاً" هُوَذَا الرَّبُّ يَصْنَعُ كُوًى فِي السَّمَاءِ! هَلْ يَكُونُ هذَا الأَمْرُ؟"2مل2:7
نعم حقّاً قال الرب " عِنْدَ الْمَسَاءِ يَبِيتُ الْبُكَاءُ، وَفِي الصَّبَاحِ تَرَنُّمٌ."مز5:30،ولكن هذه كلمات للعظات فقط وليست للحياة
لذا قط لا نشعر بأمل أو رجاء في غدٍ أفضل ،ففي داخلنا عدم تصديق بقدرة الله أن يحوّل ظل الموت إلي صبح.. وعدم ثقة أنّ عنده للموت مخارج ..
نحن ننظر للغد بعيني الناس وليس بعيني الله
إبراهيم أبو الإيمان رأي نفسه عقيماً وسارة أيضاُ عقيمة ،وكان الغد يحمل نهاية الحياة ويحمل إنتهاء إسمه ..ولكن الله حوّل الغد إلي نسل مثل نجوم السماء في الكثرة والرمل الذي علي شاطئ البحر
يوسف الصديق البار ،كان اليوم يحمل الخيانة والغدر من الأخوة ،والظلم من الناس ،ولم يكن هناك بارقة أمل واحدة أن تتبدّل وتتغير الأحوال ،وتوالت الأيام متكررة مثل بعضها لا تغيير ولا تبديل ،ولكن ظل يوسف علي أمانته الشديدة لله وعلي ثقته في الله صاحب الغد ،ولم يتركه الله وكافأ أمانته وإيمانه ، وتدخّل إله الغد وجعل من يوسف الرجل الأول في مصر بعد فرعون
كان اليوم يحمل شدّة وإهانة وتأديب لحزقيّا وكل الشعب ،ولم يكن هناك أمل من النجاة من جيش سنحاريب ،وكان الغد يحمل الموت والدمار لكل الشعب ،ولكن الله كان له رأي آخر ،وأرسل الله ملاكاً واحداً قتل من جيش سنحاريب 185 ألف جندي وتحوّل الغد المظلم إلي صبح منير
راعوث المؤابيّة فقدت الزوج وفقدت أسرتها وتغرّبت عن بلادها ،وحمل اليوم كل الأخبار السيّئة لها،ولم يحمل الغد أي أمل في التغيير ،ولكن الغد حمل لها بركات لا تخطر علي بالها حينما إقترنت ببوعز رجل الإيمان وضارت جدّة للملك داود،وإنتسب المسيح لنسلها
كان اليوم يحمل لبطرس الرسول النهاية الأكيدة ،واليهودية كلها منتظرة سفك دمه في الغد ،وسلّم بطرس الغد لإله الغد ونام مستريحاً مطمئناً ولم يحتمل الله هذا الإيمان العجيب فأرسل ملاكه وأنقذ بطرس من إنتظار كل شعب اليهود
اليوم قد يحمل الألم والحزن والدموع وإنتهاء الحلول ،والغد المولود من اليوم يحمل قسماته ونفس ظروفه ...نعم هذه عين البشر ،وهذا هو المنطق ،وهذه هي الحسابات البشريّة وهذه هي الأبواب المغلقة ،ولكن ليست هذه عين الله ولا رؤية الله ،فعند الله السيد للموت مخارج
تكرار الأيام بظروفها كما حدث مع يوسف معناه أن مجدك في إنتظارك ،وحريتك تدق بابك ،وفرعون يحتاجك وسيعطيك سلطانك،والذين ظلموك وخدعوك وباعوك سيرون مجدك " اصْنَعْ مَعِي آيَةً لِلْخَيْرِ، فَيَرَى ذلِكَ مُبْغِضِيَّ فَيَخْزَوْا، لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ أَعَنْتَنِي وَعَزَّيْتَنِي "مز17:86
فلا تقل طالت الأيام وإشتدت الضيقات ولن تتغير الأمور ولن تتبدّل الأحوال ،وإلا نشابه هذا الجندي الذي سخر من وعد الله لشعبه بالفرج والفرح ،فكان عقابه "إِنَّكَ تَرَى بِعَيْنَيْكَ، وَلكِنْ لاَ تَأْكُلُ مِنْهُ».2مل2:7
فلنقل دائماً " لأَنَّ مَرَاحِمَهُ لاَ تَزُولُ.هِيَ جَدِيدَةٌ فِي كُلِّ صَبَاحٍ."مراثي 22:3
منقول