في بداية عام جديد

في بداية عام جديد

حدث في العهد القديم أن غيّر الله الشهر الذي يبدأ به العام ، والتفاصيل نقرؤها في سفر الخروج قال الله لموسى وهارون " هذا الشهر يكون لكم رأس الشهور " ( خر 12: 2 ) .

الله يجعل شهر نيسان هو الشهر الأول بعد أن كان ترتيبه السابع بين الشهور … والسؤال لماذا ؟..

القوة

يقول لنا سفر الخروج انه في هذا الشهر ذبح شعب الله الخرفان ، ومسّوا بدمائها أبواب بيوتهم من الخارج فأنقذوا أبكارهم من الموت .. وتلى هذا مباشرة خروجهم العظيم من أرض مصر ، وغرق فرعون وجنوده مع مركباتهم في البحر ..

لقد نال الشعب حريته في هذا الشهر ، وتخلص من فرعون عدوه .. وياللقفزة الهائلة التى حدثت له!! تحول أفراد الشعب من ضعفاء وفقراء ، من عبيد لفرعون وغير قادرين على مقاومة جبروته إلى أقوياء يتحدونه وينتصرون عليه ..

وهكذا فشهر نيسان يُحدثنا عن القوة ، قوة الله التى جعلت شعبه أقوياء ، فلم يخرجوا من قبضة فرعون وهم فقراء أو ضعفاء كلا .. أُنظر ما قاله المزمور 105 واصفاً خروجهم من أرض العبودية " أخرجهم بفضة وذهب ولم يكن في اسباطهم عاثر " (مز37:105)

الفداء

كما يُحدثنا هذا الشهر ، شهر نيسان عن الفداء ، فما حدث للشعب من تحول من الضعف الى القوة ومن العبودية إلى الحرية إنما كان نتيجة الفداء .. الله افتدى الشعب من نتائج خطاياه بدماء خراف الفصح التى أمرهم أن يذبحوها ليلة خروجهم من أرض مصر .. هذه الحقيقة تظهرها لنا كلمات موسى لله والتى غنى له بها مباشرة بعد هذا الخروج العظيم " تُرشد برأفتك الشعب الذي فديته تهديه بقوتك " (خر13:15)

وهكذا يتحدث شهر نيسان عن الفداء والقوة .. يتحدث عن التحرر من العبودية والانطلاق للسير تحت قيادة الرب حيث التمتع بالنجاح والحماية والبركة ..

قارئي العزيز ، ترى هل أدركت لماذا غير الله ترتيب شهور العام بالنسبة لشعبه في العهد القديم ليجعل هذا الشهر ، نيسان ، هو أول الشهور ؟

هناك سببان ..

الأول ، لكي يفهم الشعب أن تاريخه الحقيقي يبدأ بأقوى حادثة ، حادثة خروجه من أرض مصر عندما أفتُدى من العبودية وتحول من الضعف إلى القوة ..

والأمر الثاني : لكي لا يبدأ الشعب أي عام وهو مستسلم لهواجس الخوف بل وهو يتذكر قصة خروجه من أرض مصر فيتغنى بحقيقة أنه شعب مميز(شعب الله المختار) ، افتداه لله وايده بقوته .. هذه هي الحقيقة التى تغني بها موسي النبي قائلاً :

" ليس مثل الله ...

يركب السماء في معونتك ..

الاله القديم ملجأ والأذرع الأبدية من تحت ..

من مثلك يا شعباً منصوراً بالرب

ترس عونك وسيف عظمتك " ( تث33 : 26 ،27 ، 29 )

العهد الأعظم

عزيزي القارئ ، بلا جدال العهد الجديد أعظم من نظيره القديم .. العهد القديم هو زمن الرموز والظلال أما العهد الجديد فهو زمن تحقيق هذه الرموز .. هو زمن الحقائق .

فإن كان الله قد أراد للشعب في زمن العهد القديم أن يدرك أن تاريخه الحقيقي بدأ بأقوى حادثة .. بفدائه .. بتحوله من الضعف الى القوة ، فهو بكل تأكيد يريد للمؤمن في العهد الجديد العهد الأعظم أن يدرك أن عمره الحقيقي بدأ بأقوى حادثة ..حينما رجع الى الله وقدم توبة صادقة (لو15 : 17 ) .. حينما تقابل مع الرب يسوع وتمتع بالفداء .

وإن كان الله قد أراد لشعبه في العهد القديم أن يبدأ كل عام فرحاً قوياً متذكراً قصه فدائه مُدركاً أنه شعبه المميز المؤيد بقوته فكم وكم يجب أن يكون حال المؤمن في العهد الأعظم ، العهد الجديد وهو يبدأ كل عام ..

أفلا ينبغي أن يبدأه متهللاً جداً ، واثقاً في الرب الذ ي قال "ثقوا ..." ( مر 6 : 50 ، يو16 : 33) وواثقاً في وعده الصادق الأمين " لا تخف .. " ، مُدركاً أن الرب افتداه وأيده بقوته العظيمة.

ولاحظ هذا الفرق العظيم ، انه لم يفُتدى مثل مؤمني العهد القديم بدماء الخراف بل بما هو أعظم بما لا يقاس .. بالدم الثمين الذي كانت هذه الدماء ترمز وتُعد له .. بدم مخلصه العظيم ، الرب يسوع الذي سُفك بحب غير عادي على الصليب (1بط 19:1) ..

نعم ، ليبدأ كل مؤمن من مؤمنى العهد الجديد عامه الجديد متهللاً جداً ، لأن الرب افتداه بالدم الثمين ليحرره ، ليس من قبضة فرعون ، بل من قبضة الذي كان يُسيطر على فرعون .. من قبضة اليأس .. من قبضة إبليس .. ولم يحرره فقط بل أطلقه من سلطان إبليس الرهيب إلى ملكوت الرب المجيد (كو13:1) .. من الظلمة إلى نور الرب العجيب (1بط9:2) ..

عزيزي القارئ لتبدأ كل عام بل وكل مرحلة من حياتك وكل عمل تقوم به متهللاً ، واضعاً نصب عينيك رسالة الشهر الأول نيسان التي تقول :

+ انك مميز .. صرت واحداً من أهل بيت الله (أف 19:2)

+ انك مفدي .. وبأعظم ثمن .. دم المسيح

+ انك تحررت من سيطرة إبليس وصار لك السلطان أن تطأه بقدميك (لو 19:10 ، رو20:16)

+ الرب ترس عونك .. حمايتك المؤكدة حينما يهجم عليك ابليس

لا لا تبدأ عاماً جديداً ضعيفاً أمام الظروف .. كلا أنت أقوي منها ، أقوي منها بكثير لأن الرب معك .. افتداك وايدك بقوته .. ابدأ كل سنة واثقاً أن عينيه عليك من أول العام إلى آخره (تث12:11) ، واثقاً أنه سيكلل العام بجوده (مز11:65) ..

ميرسي ليك
ربنا يعوض تعب محبتك