القضية التي سنبحثها هي قضية
كفارة يسوع المسيح. وكثيرون لا يفهمون الإيمان المسيحي ويتعثرون أمامه بسبب مسألة
الكفارة فالمسألة هذه المرة أعقد أمام التفكير البشري من سابقتها فليس فقط أن الله
تجسد، بل أنه إذ تجسد فقد صُلِبَ ومات ودفن !! كيف يكون ذلك
؟
لكننا لكي
نفهم الفكر الكتابي بخصوص هذه المسألة فإنه يلزمنا أن نبدأ القضية من بدايتها لنسأل
:
ما هي
الخطية ؟
تعال معي في
هذه الجولة السريعة لنعرف ما هي الخطية ؟
أيمكنك أن
تتتبع نهر الدموع التي سالت من المـآقي على مر العصور بسبب موت القريب والحبيب؟
أو يمكنك أن
تلقي نظرة على المدافن في كل زمان ومكان، وأن ترى النفوس التي تلوعت والقلوب التي
تحطمت عندها؟!
تحول الآن عن
الموت ولونه الأسود ، لكي تتأمل في الحروب وصبغتها الحمراء. تأمل القتلى والمشوهين،
والأسرى والمجروحين. تأمل الدمار والخراب لكل ما كان يوما ينبض بالحياة
!
خذ جولة سريعة
حول الأسِرَّة البيضاء. أدخل المستشفيات وقابل المرضى. انظر وجوههم الشاحبة والموت
يتسرب إلي أجسادهم ببطء لكن بثبات. إستمع إلى أنين المطروحين وتأوهاتهم وصرخاتهم!
هذه كلها
ثمرات الخطية المُرة !
زر السجون
والتق بمن فيها. استمع إلى ما عملوه في المجتمع وما عمله المجتمع
فيهم!
وماذا عن
الحانات والمراقص ودور الفجور ونوادي القمار. بل ماذا عن بيوت مرتادي هذه الأماكن؛
البيوت المحطمة ومن فيها من نسوة وبائسات وأولاد تعساْ وأزواج أو آباء
محطمين.
آه ما اكثر
البؤساء والمعذبين في الأرض بل ما أمر الخطية ونتائجها !
لكن هل أنت
بعد كل هذا قد عرفت ما هي الخطية؟ كلا، فأنت لم ترَ إلا مظاهرها الخارجية. لقد
شاهدت بعضاً من أعراض المرض لا المرض ذاته. أيمكنك أن تدخل إلي القلوب لتري كيف
أفسدتها الخطية تماما. نعم فإن الداء غائر في القلب، والضربة أعمق من الجلد !
لكنك حتى لو
دخلت إلى قلوب لترى ما فعلته الخطية في بنى البشر, فليس هذا هو الجزء الأهم في
المسألة. إن الخطية هي قبل كل شئ واقعة ضد اعتبارات
مجد الله. إن الخطية إهانة لمجد الله.
إن تعريف
الخطية هو عدم إصابة الهدف. أما الهدف الذي كان
مطلوباً منا أن نصيبه فأخطأناه ، هو مجد الله.
فالله خلق
الإِنسان لمجده إشعياء 43 : 7 .
كان ينبغي لنا
إذ عرفنا الله أن نمجده رومية 1 : 21 . لكن هذا لم يحدث الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله
رومية 3 : 23
.
إنك إن لم
تنظر إلى الخطية بهذه النظرة فلن يمكنك فهم الكفارة. ينبغي قبل أن تبحث عن حل
للمشكلة أن تعرف أولاً حقيقة المشكلة. فالخطية هي ضد
مجد الله كما قال داود النبي للرب إليك وحدك
أخطأت، والشر قدام عينيك صنعت مزمور 51 : 4 . آه، ما أخطر أن تفعل الخطية
أمام عيني الله، ذاك الذي عيناه أطهر من أن تنظر الشر ولاتستطيع النظر إلى الجور
حبقوق 1 : 13 !
نعم إن الخطية
بشعة بشعة بشعة فيما عملته معنا وفينا. لكنها أبشع بما لا يقاس في عيني الله وفى
نور قداستة.
هذا يقودنا
إلى النقطة التالية أعنى بها:
معنى
الكفارة
الكلمة
لغوياً تعنى الستر. يقال كَفَرَ الشيء أي ستره وغطاه. والأمر الذي يحتاج إلى ستر في
مسألتنا هي خطايانا، وبتعبير أدق حالتنا الخاطئة, من أمام نظر
الله.
لنعد إلى
الخطية الأولى، خطية أبوينا الأولين في الجنة.
نقرأ في سفر
التكوين والأصحاح 2 كيف خلق الله الإِنسان، وكيف اختصه دون باقي مخلوقاته بنسمة
الحياة التي بها أصبح في توافق مع الله، بحيث يمكنه أن يعبده عبادة واعية. وكيف
أعطاه الله السلطان والسيادة على كل الخليقة، ولقد تجلى سلطانه هذا على كل
المخلوقات عندما أحضر الله إليه كل الحيوانات وكل الطيور ليدعوها باسمها.
لكن الله
أعطاه أيضاً وصية واحدة امتحاناً له، ليثبت بها تقديره لفضله عليه وامتنانه على
نعمته. فما الذي حدث؟
لقد جاء
الشيطان مستخدماً الحية تكوين 3 ، وهمس في أذن حواء بكلام سام مضمونه:
أولاً
إن الله كاذب. ألم يقل لكما
إنكما إذا أكلتما من الشجرة ستموتا. الحقيقة أنكما لن تموتا.
ثم إنه
ليس عادلاً، وإلا فلماذا
يسلبكما حرية التصرف ويمنعكما من التسلط على هذه الشجرة مع أنكما رأسا
الخليقة؟!
ثم هو
أيضاً لا يحبكما. لو كان يحبكما
حقاً أكان يحرمكما من التمتع بشيء بل الله عالم أنه يوم
تأكلان منه أي ثمر هذه الشجرة تنفتح أعينكما
وتكونان كالله عارفين الخير والشر والله لا يريدكما نظيره، بل أن تظلا أقل
منه!
هذه هي كلمات
الحية للمرأة. وبكل أسف صدقت المرأة هذا كله، وأكلت وأعطت رجلها أيضاً فأكل. وحدثت
الكارثة فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان.
ماذا كانت
أولى محاولات الإنسان في الجنة بعد أن سقط في الخطية وتعرى؟ يقول الكتاب فخاطا أي آدم وحواء أوراق تين،
وصنعا لأنفسهما مآزر لتغطية عريهما. بكلمات أخرى هما حاولا إصلاح ما أفسداه،
وعلاج ما اقترفته أيديهما، لكن هيهات!
صحيح إنهما
نجحا إلى حد ما في مداراة نتائج الخطية أحدهما عن الآخر، لكنهما ما أن سمعا صوت
الرب ماشياً في الجنة فانهما اختبئا خلف أشجارها. ولما نادى الربُّ آدم قائلاً له أين أنت؟ كانت إجابته الأسيفة
سمعت صوتك في الجنة فخشيت، لأني عريان فاختبأت.
أين إذاً
مآزر ورق التين التي كان قد عملها آدم وحواء؟ بالأسف إنها لم تُجدِ نفعاً أمام
الله.
إن أوراق
التين وأشجار الجنة دلت على شعور أبوينا بالخزي، وحاجتهما للستر. لكنهما أثبتا فشل
محاولة علاج الخطية وسترها من أمام نظر الله. فهل تقدر الخليقة أن تستر المخلوق عن
نظر خالقه؟!
الكفارة
في الذبيحة
لم تنته حادثة
السقوط بالإنسان عارياً، فلقد تداخل الله بنفسه لعلاج الأمر. ليس آدم هو الذي قدر
أن يستر نفسه، لكن الله هو الذي فعل ذلك؛ إذ لا تُختتم قصة السقوط قبل أن نقرأ:
صنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد
وألبسهما.
من أين أتى
الله بالجلد؟ من حيوان ذُبح وسُلخ جلده. ما أجمل القول صنع الرب.. أقمصة ثم تقدم
الرب بنفسه من الإنسان الخاطئ العاري لكي يستره ويكسوه. ويا للنعمة التي تشع من هذه
الكلمة الصغيرة البسيطة وألبسهما
!!
حقاً كم هو
عجيب أنه في مشهد الخطية الأولى في الجنة، تلك الخطية التي كانت تقضي عدلاً بموت
أبوينا. فإنه لم يكن موتهما هو أول حادث يحدث بعد خطيتهما. كلا، ليس آدم وحواء هما
أول من ماتا، بل كان حيوان برئ لم يخطئ هو الذي ذبح ومات بدلهما. وتم ستر آدم وحواء
بجلد الذبيحة، ونجا آدم وحواء بجلدهما.
وسوف
نوضح فيما بعد أن هذه الذبيحة لم تكن إلا رمزاً بسيطاً لعلاج الله العظيم، وفدائه
الذي كان عتيداً أن يجريه بذبح عظيم. لكننا الآن نلخص الدروس التي تعلمناها من خطية
الإنسان الأول حسبما ورد في تكوين 3.
أولاً : حاجة
الإنسان إلي الكفارة.
ثانياً : عدم
استطاعة الإنسان التكفير عن نفسه.
ثالثاً : قيام
الرب بنفسه بعمل الكفارة للإنسان.
ولعل واحداً
يتساءل: أما توجد طريقة أخرى للاقتراب إلى الله بدون هذه
الكفارة؟
أما يمكننا أن
نستر خطايانا عن نظر الله بأعمال التقشف والزهد، أو حتى إذلال الجسد؟ أتقدر الطقوس
أو الممارسات الدينية المتنوعة أن تكفر عنا؟ ماذا عن الأعمال الصالحة وأعمال
الخير؟
هذا يقودنا
إلى السؤال الهام التالي:
هل تصلح
الأعمال للتكفير ؟
لقد كانت
محاولة آدم وحواء تغطية عريهما بأوراق التين هي أولى محاولات البشر لعلاج الخطية
بالأعمال. وكل ممارسات الإِنسان الدينية فيما بعد من طقوس متنوعة وفرائض مختلفة،
وكل محاولات إرضاء الله بالأعمال إنما هي إعادة المحاولة لستر العورة بورق التين،
أي لا جدوى منها على الإِطلاق.
يقول إشعياء
النبى في هذا الصدد صرنا كلنا كنجس وكثوبِ عِدةٍ أى خرق
نجسه كل أعمال برنا إشعياء 64 : 6 . هذه هي أعمال برنا في ضوء قداسة الله،
خرق نجسة. أتصلح تلك الخرق القذرة أن يَمْثُل فيها الإنسان أمام الله
القدوس؟!
هناك حادثة في
سفر التكوين أصحاح 4، أى في بداية البشرية، ترينا فكر الله في هذه المسألة. ففى هذا
الأصحاح نقرأ عن أول متدين أراد الاقتراب إلى الله. إنه قايين المتدين الأول،
والقاتل الأول كذلك!! لكن قايين هذا لم يقترب إلى الله على أساس الذبيحة، كما فعل
هابيل أخوه، وبذلك فإنه تجاهل حالة السقوط التي هو فيها إذ قد وُلد من أبوين
خاطئين. بل لقد اقترب قايين إلى الله على مبدأ الأعمال، مقدماً لله قرباناً من تعب
يديه، فرفضه الله كما رفض قربانه. ونصحه أن يُحْسن الطريق أي أن يقترب إليه
بالذبيحة كيما يقبله.
وكما رفض الله
محاولة قايين الاقتراب إليه بثمر الأرض الملعونة وتعب يديه لأنه خاطئ، هكذا أيضاً
مصير كل محاولات الإِنسان التكفير عن نفسه بالأعمال.
لكن
لماذا لا تصلح أعمالنا الصالحة للتكفير عن
ذنوبنا؟
الواقع أن
هناك أربعة أسباب رئيسية لذلك :
1ـ أن
الأعمال الصالحة التي نقوم بها، مهما عظمت، قيمتها محدودة لأنها صادرة من الإِنسان
المحدود. بينما حق الله الذي أسئ إليه بسبب الخطية لا حد له. والمحدود لا يمكن قط
أن يغطى غير المحدود.
2ـ أن
هذه الأعمال الصالحة إذا كان بوسعنا حقاً أن نعملها ليست تفضلاً منا على الله، بحيث
نستحق الجزاء عليها. بل هي واجب علينا، والتقصير فيه يستوجب
العقاب.
3ـ
لأن أجرة
الخطية هي موت رومية
6 : 23 ، وليست أعمالاً صالحة. فكما لا يصلح أن يتعهد القاتل أمام المحكمة بأنه تاب
ولن يعود إلى القتل مرة أخرى، وأنه يتعهد مثلاً أمام المحكمة ببناء ملجأ للأيتام
مقابل أن تسامحه المحكمة، هكذا لا تصلح الأعمال أن تكون مقابل أجرة الخطية وهى
الموت.
4ـ لأن
الأعمال التي نقول نحن عنها إنها صالحة، ليست هي كذلك في نظر الله، بل إنها ملطخة
بنقائص وعيوب الطبيعة البشرية الساقطة. تذكّر قول النبي إشعياء كثوبعدة
أي خرق
نجسة كل أعمال
برنا
إذاً فمن
يتجاهل تعليم الكتاب المقدس الصريح بهذا الخصوص، ويصر على الاقتراب إلى الله
بأعماله، فإنه يتبع قايين في طريقة، طريق الأعمال، إذ يظن أن الإِنسان إذا عمل أفضل
ما عنده فإنه بذلك ينال القبول عند الله.
وبالأسف
الشديد يوجد اليوم الملايين، في كل العالم، الذين يتبعون قايين في طريقة، وعنهم
تقول كلمة الله ويل لهم لأنهم سلكوا طريق قايين
يهوذا 11 .
لا مفر إذاً
من الطريق الذي رسمه الله، فالأعمال لا تصلح للتكفير، إنها طريق قايين المرفوض.
والعلاج في الذبيحة، الكفارة بالذبيحة. لكن أي ذبيحة؟ هل تقدر الذبيحة الحيوانية أن
تفدى إنساناً، أي إنسان؟ هذا يقودنا إلى السؤال التالي :
لماذا
الذبائح الحيوانية ؟
غنى عن البيان
أنه كما لا تصلح الأعمال الصالحة في التكفير عن الإِنسان فهكذا أيضاً لا تصلح
الذبائح الحيوانية للكفارة فهي من زاوية معينة تعتبر نوعاً من الأعمال التي يمكن
للإِنسان أن يعملها أنظر مزمور 50 : 7 ـ 15، 51 : 16، 17 .
وكما ذكرنا عن
الأعمال الصالحة مهما عظمت فهى محدودة، هكذا الذبائح الحيوانية، إذ كيف يمكن
للبهائم التي تُباد أن تفدى الإِنسان الخالد من الموت الأبدي؟ لهذا ترد كلمات
الرسول بولس القاطعة في عبرانيين 10 : 4 لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا.
إذا كان ذلك
كذلك، فلماذا أمر الله بتقديم الذبائح الحيوانية في العهد القديم؟
الإجابة لأن
الله في العهد القديم، عهد الظلال والرموز، أراد أن يعلم شعبه أربعة مبادئ أولية
هامة.
أولاً :
أراد استحضار الخطية إلى ذهن وضمير شعبه ليتعلموا كراهية الرب
لها.
ثانيـاً : ليتعلموا
أن قضاء الله على الخطية هو الموت وليس أقل من ذلك.
ثالـثاً : ليعرفهم
أن عند الله طريقة بالرحمة لرفع الخطية، وأنه سيمكن العفو عن الجاني بهذه
الطريقة.
رابعاً : ليعطى
شعبه بعض الإِدراك عن هذا العمل العظيم؛ الكفارة، وعن عظمة وكمالات الشخص المجيد
صانع الكفارة؛ الفادي الذي كان معروفاً سابقاً قبل تأسيس العالم 1بطرس
1 : 18 . حيث أن هذه الذبائح المتنوعة، في كل تفاصيلها الدقيقة، ما هي إلا رمز
لذبيحة المسيح الواحدة والكاملة.
بالإِضافة إلى
ماسبق، فإنه يمكن القول إن تلك الذبائح الدموية الحيوانية كان لها قيمة في العهد
القديم، وبررت من قَدمها بالإِيمان عبرانيين 11 : 4 ، لا لأنها في ذاتها لها أية
قيمة، بل فقط لأنها كانت تشير إلى ذبيحة المسيح المعروف
سابقاً قبل تأسيس العالم 1بطرس 1 : 18 . ومن هذه الزاوية فإنها كانت تشبه
إلى حد ما العملة الورقية التي نتعامل بها اليوم. إن القيمة الحقيقية لهذه العملة
ليس في ذاتها قط، بل لما لها من رصيد ذهبي في البنك المركزي للدولة. هكذا كانت تلك
الذبائح مقبولة عند الله لأن لها رصيداً في دم المسيح الذي وإن لم يكن قد مات بعد،
لكن الله ليس عنده ماضي وحاضر ومستقبل نظير البشر؛ فهو يرى النهاية من
البداية.
هذا يأتي بنا
إلى السؤال الجوهري التالي :
الفادي . من هو ؟
يمكننا أن
نستخلص من كلمة الله الشروط التالية للفادي.
1 ـ
يجب أن يكون خالياً من الخطية. فهو لو كان خاطئاً لاحتاج هو نفسه لمن يكفر عنه وما
صَلُح لكي يفدى غيره. ولهذا فكان في الرمز يلزم أن تكون الذبيحة بلا
عيب.
2 ـ
ألا تقل قيمته عن الإِنسان ليمكنه أن يكفر عنه، أي يغطيه ويستره. وعليه فلا تنفع
ذبيحة حيوانية.
3 ـ
لكن لأنه لا يفدى إنساناً واحداً بل كثيرين، فيجب أن تكون قيمته أكبر من هؤلاء
الكثيرين. وعليه فلا ينفع أن يكون إنساناً عادياً.
4 ـ ثم
يجب ألا يكون مخلوقاً. فهو لو كان مخلوقاً لا تكون نفسه ملكه هو بل ملك الله
خالقها، وبالتالي فلا يحق له تقديم نفسه لله. وعليه فإن الملائكة ورؤساء الملائكة
لا يصلحون، لأنهم مخلوقون من الله.
5 ـ
ولكي يمكنه أن يُمثِّل الإِنسان أمام الله، يتحتم أن يكون
إنساناً
وبهذا
وحده يمكن أن يكون نائباً عنه، وأن يمثله أمام الله.
فيالها من
معضلة! من أين لنا بمثل هذا الشخص العجيب الذي يجمع كل هذه المواصفات معاً؟! إنسان،
خالي من الخطية، غير مخلوق، وقيمته أكبر من كل البشر
مجتمعين!!
لكن إن لم يكن
عندنا نحن البشر حل لتلك المعضلة، ألا يوجد عند الله حل؟ قال أليهو -وهو واحد من
أصحاب أيوب- إن وجد عنده عند الله مرسل، وسيط، واحد من ألف ليعلن للإِنسان استقامتة أي
استقامة الله أو بر الله ، يتراءف عليه ويقول أُطلقه عن
الهبوط إلى الحفرة. قد وجدتُ فدية أيوب 33 : 23 ـ 28 . فهل وُجد مثل هذا
الشخص عند الله؟ نعم، يقول الرسول: عالمين أنكم
أفتديتم .. ثم يذكر لنا من هو الفادي المسيح
معروفاً سابقاً قبل تأسيس العالم 1بطرس 1 : 19و 20 إذاً فحل تلك المعضلة،
معضلة من هو الفادي ؟ ليس عند الناس بل عند الله. نعم، فمن عندِه أتى المرسل،
الوسيط، الذي سبق أن تمناه أيوب عندما صرخ قائلاً ليس
بيننا مصالح يضع يده على كلينا أيوب 9 : 33 !
وإذا
كان هذا المُصالح يمكنه أن يضع يده على الله والناس في آن واحد، فهذا معناه أنه
معادل لله ومعادل أيضاً للناس. فمن ياتُرى يكون هذا الشخص ؟
إنه شخص فريد
ليس له في كل الكون نظير رؤيا 5 : 2ـ5 ،
إنه الرجل
رفيق رب الجنود زكريا 13 : 7 . إنه الابن الأزلي الذي صار ابن الإِنسان
!!
لو لم يكن هو
الإِنسان لما أمكنه أن يكون نائباً عن الإِنسان؛ يحمل خطاياهم ويحتمل دينونتها
بالنيابة عنهم.
ولو كان هو
أقل، ولو قيد شعرة من الآب، لما أمكنه قط أن يفى الله كل
حقوقه.
إذاً فالمسيح
هو الفادي الوحيد. لكن هل المسيح بحياته وتعاليمه ومعجزاته أمكنه أن يفدينا أم كان
يلزم شئ آخر. هذا يقودنا إلى نقطة هامة جداً.
الــــــــدم
لكلمة الدم في الكتاب المقدس مكان بارز إذ وردت فيه 427 مرة. وتتفق شهادة الكتاب كله سواء في العهد
القديم أو الجديد في أنه لا كفارة بدون الدم. ليس الدم الجاري في الشرايين، بل الدم
مسفوكاً لأنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة عبرانيين
9 : 22 .
من أهم الفصول
التى تتحدث عن هذا الأمر خروج أصحاح 12 الذى يتحدث عن الليلة التى فيها خرج الشعب
من بيت العبودية في مصر بعد ذبح خروف الفصح.
ماذا طلب الرب
منهم في تلك الليلة كيما ينجو الأبكار ؟ لقد قال يأخذون
لهم كل واحد شاة.. صحيحة.. يذبحه كل جمهور الجماعة ويأخذون من الدم ويجعلونه على
القائمتين والعتبة العليا. ويكون لكم الدم علامة على البيوت التى أنتم فيها فأرى
الدم وأعبر عنكم.
إذا ما الذي
كان يحميهم في تلك الليلة من ضربة الهلاك؟ الإِجابة الــــدم
الله لم يطلب
منهم أن يعملوا حصراً بأعمالهم الصالحة، ولا بممارساتهم الدينية ويعلقوها على أبواب
بيوتهم.. فالخلاص ليس في هذه الأشياء، بل أرى الدم وأعبر
عنكم.
وقف يشهد عن
إيمانه بالمسيح شخص كان قبلاً يهودياً فقال :
ولدت في
فلسطين منذ نحو 70 عام مضت. تعلمت منذ طفولتي أن أقرأ التوراة، واعتدت مبكراً على
حضور المجامع لكي أستمع من الرابيين أى معلمي الشريعة إلى التعاليم اليهودية. وكنت
أظن وقتها ـ حسبما لقنوه لي ـ أن ديانتنا هي الديانة الوحيدة الصحيحة في
العالم.
وعندما كبرت
وابتدأت أدرس التوراة بنفسي، صدمتني تلك الحقيقة التي لم ينبهني أحد من الناس
إليها، أعنى المكانة الهامة جداً التي للدم في كل الممارسات والأوامر الإِلهية في
أسفار التوراة المقدسة. قرأت المرة تلو المرة سفر الخروج أصحاح 12. وتوقفت كثيراً
عند سفر اللاويين 16 ولما وصلت إلى الأصحاح السابع عشر من سفر اللاويين إضطربت كل
الاضطراب من هذه الآية التي لم أتمكن من الافلات منها في نهاري وليلي لأن الدم يكفر عن النفس
!
كنت أعلم أنى
في حاجة إلى كفارة ـ فأنا في الأعماق خاطئ نجس رغم كل قشور التدين السطحية. وهاهي
التوراة تقول بأسلوب لا لبس فيه و لا غموض أن الكفارة هي في الدم و لا شئ سوى الدم.
أين لى بذلك الدم؟
ذهبت بحيرتي
هذه إلى أحد الرابيين الكبار أستفسره. فأجابني بأن الله اليوم غاضب على شعبه،
والهيكل ـ وهو المكان الوحيد المسموح لنا فيه أن نقدم ذبائحنا ـ مهدوم من آلاف
السنين. هذا هو سبب خلو عبادتنا من الدم. ويوم يُبنى الهيكل من جديد سوف نعود إلى
الذبائح. لكننا نستعيض اليوم عن ذلك بتعاليم التلمود وباقي
الممارسات.
لم أقتنع
بإجابة الرابي هذه، إذ كيف يستعيض عن أمر جوهري كهذا بتعاليم وأقوال الناس؟ من ثم
ذهبت إلى كثيرين غيره من المعلمين لعلى أجد لديهم إجابة على حيرتي : كيف يمكنني
الحصول على الكفارة ؟. فلم أجد.
ولما بلغت
الثلاثين من العمر هاجرت إلى أمريكا دون أن يفارقني القلق أو يهدأ بالى من جهة
خطاياي!
وذات ليلة لا
أنساها، وأنا أسير في شوارع المدينة التي هاجرت إليها قرأت لافتة فهمت منها أنه
مكان لاجتماع اليهود. دفعني الفضول إلى أن أدخل المكان مع أن الاجتماع كان قد بدأ.
وما أن جلست في مكاني حتى سمعت المتكلم يقول دم يسوع
المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية 1يوحنا 1 : 7 . شدتني عبارة الدم فهي تلك التي كنت أبحث عنها طوال السنين
الماضية، فاستمعت بكل جوارحي للرجل فإذا به يقرأ من الرسالة إلى العبرانيين الآية
الواردة في أصحاح 9 : 22 بدون سفك دم لا تحصل
مغفرة وأخذ الرجل يشرح كيف أن كل ذبائح العهد القديم إنما كانت ظلاً ورمزاً
لذلك الحمل المعروف قبل تأسيس العالم، والذي بدمه قد افتُدينا 1بطرس 1 : 18 ـ 20
وكيف أن الله في ملء الزمان أرسل ابنه الوحيد ليموت نيابة عنا. وكيف سفك ذلك الابن
الكريم دمه لفدائنا، وأنه بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى
الأقداس فوجد فداءً أبدياً عبرانيين 9 : 12 .
كانت ليلة
فاصلة بالنسبة لشيخنا العجوز. فخرج ليلتها من الاجتماع ولسان حاله يقول
:
قد محا
عند الصليبْ ---- دمُ ربى إثمـــــي
وعن القلب الكئيبْ ---- زال كلُ
الـهــــمِ
وأمكنه أن
ينضم إلى ربوات المفديين المرنمين.
لما
رأيت سيل ذلك الدم ----وهو دمُ المعروفِ منذ القدم
قد صارحب مــن فدى--- موضوع
سبحي أبــــدا
عزيزي. لقد
أنهى ذلك الرجل قصته. أما أنت فلم تنه قصتك بعد. ويمكنك أن تضيف إليها أهم
فصولها؛إن وضعت ثقتك الآن في المسيح، وفى دمه الذي يطهر من كل
خطية.
لقد سُفك الدم
الكريم لأجل الخطاة أمثالنا. والله قد أكتفى تماماً. وكل المطلوب منك أن تأتى إلى
الله مؤمناً في شخص المسيح الذى مات عنك فتنعم بغفران خطاياك والحياة
الأبدية.
هل هذا
التعليم منطقي ؟
نعم، إنه
منطقي تماماً. لأنه إن كان الله قد حدد الموت، من البداية، عقوبة التعدي على أقواله
إذ قال لآدم يوم تأكل منها أي شجرة المعرفة موتاً
تموت تكوين 2 : 17 . ثم عاد وكرر الأمر بعد السقوط، فقال حزقيال النبي النفس التى تُخطئ هي تموت 18 : 4 بل وحتى في العهد
الجديد يذكر الرسول بولس نفس هذا الأمر في رومية 6 : 23 أجرة الخطية هي موت فكيف يمكن التنصل من الموت؟ وإذا
كانت هناك مسامحة للخاطئ وغفران لخطاياه، فكيف يمكن أن يتأتى ذلك إن لم يأتِ شخص
آخر يحمل عقوبة الموت بدلاً منه؟
أيمكن
أن يغيِّر الله أقواله؟ أتجد لسُنَّة الله تبديلاً؟ أيقول الله شيئاً ثم يعود
ويتصرف بعكس ما قال؟ محال... محال تماماً.
أم أنه يبدو
فكراً غريباً عليك أن نحصل على الحياة الروحية عن طريق موت آخر بدلاً عنا! كلا، انه
ليس غريباً، وإلا فتفكّر كيف تحصل على حياتك الطبيعية،
وكيف تحافظ
على هذه الحياة؟
أما هي تتغذى
بالموت؟ فحيوان أو طائر يذبح ويُسفك دمه ويموت كيما يمدك بالطعام. وكأن الله، جلت
حكمتة، قصد أن يجعلنا نعايش هذا الفكر كل يوم، ونمارسه باستمرار. أن حياتنا
الطبيعية تتغدى على الموت. ومن الموت تنبع الحياة. فإذا كانت حياتنا الروحية أيضاً
كذلك، أيحق لنا أن نعترض؟ أم يجوز لنا إن نستغرب؟
أليس هذا نفسه
ما كان يعنيه الرب عندما قال اليهود الحق الحق أقول لكم
إن لم تأكلوا جسد ابن الإِنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم يوحنا 6 : 63
؟ وكان يقصد من ذلك الكلام الروحي، الإيمان بشخصه
مائتاً على الصليب مبذولاً عن الخطاة، سافكاً دمه الكريم لفدائهم!
نعم كما أننا
نستمد حياتنا الطبيعية من موت آخر، هكذا أيضاً حياتنا الروحية، مع هذا الفارق وهو
أن الحيوانات لا تموت بخيارها، وموتها لا دخل له بالكفارة، أما المسيح فقد مات
باختياره، وكان موته كفارة عن الخطايا. لكن يظل المبدأ كما في الحياة الطبيعية،
كذلك في الحياة الروحية وهو من موت آخر نحصل على الحياة.
هذا يقودنا
إلى النقطة الاخيرة في موضوعنا أعنى بها :
حتمية
الكفارة
وهى حتمية
ثلاثية :
أولاً : لرد
مجد الله.
ثانياً : لضمان
بر الله.
ثالثاً : لإِعلان
محبة الله.
أولاً : حتمية الكفارة لرد مجد اللـه :
إن الخطية
نظراً لأنها ضد الله القدوس فإن قيمتها غير محدودة وتستحق بالتالي عقوبة عير محدودة
لتوضيح
ذلك : هب أن موظفاً صغيراً في وزارة اعتدى على زميل له، فإنه ما لم يبادر بالاعتذار
لزميله سينال الجزاء حتماً. أما إذا إعتدى نفس هذا الموظف الصغير على الوزير فإن
الأمر لن ينتهي بالاعتذار، ولن يكفى توقيع جزاء عادى بل ستزداد درجة وشكل العقوبة
لأن المُعتَدَى عليه أكبر.
فإذا كانت
الخطية موجهة ضد الله، كم تكون العقوبة؟! في هذه الحالة لا تكون عقوبة عظيمة حيث لم
تقع الخطية ضد مجرد شخص عظيم بل إنها عقوبة غير محدودة، لأنها وقعت على الله غير
المحدود.
طبعاً كان
يمكن لله أن يطرح جميع البشر الخطاة في جهنم أجرة لخطاياهم وهو ما سيفعله فعلاً مع
الذين لا يؤمنون بعمل ابنه لأجلهم . لكن هل طرح الخاطئ في جهنم يعوض الله عن حقوقه
المسلوبة ومجده الذي أهين؟ كلا،
لأن إضافة
المحدود إلى المحدود لا ينتج عنه سوى المحدود، وبقاء الإِنسان في جهنم ملايين
الملايين من السنين لا يمكن أن يفي الله حقوقه .
لأجل هذا جاء
المسيح إلى العالم. ونظراً لأنه الله الظاهر في الجسد، وبالتالي قيمته غير محدودة،
فإنه استطاع بموته أن يمجد الله أكثر كثيراً من الإِهانة التي وقعت على اعتبارات
مجده بسبب خطايانا.
هذا هو الهدف
الأساسي من الكفارة، تمجيد الله. فلقد كان ينبغي أن يأتي تمجيد الله أولاً إذ أريد
التكفير عن الخطايا. فحاجة المخلوق لا يمكن أن تكون أولى من مجد الله. ومجد الله ما
كان يمكن أن يحصَّل لولا موت المسيح !
ثانيا : حتمية الكفارة لضمان بر اللـه :
تساءل أيوب
قديماً كيف يتبرر الإِنسان عند الله أيوب 9 : 2
كان أيوب يعرف
أن الله غفور رحيم لكن كان يعرف أيضاً أنه بار وعادل. فإذا كانت محبة الله ورحمته
تريدان مسامحة الخاطئ، فإن عدله وبره يحتمان إدانة الخاطئ. وكأننا في موقف قضاء فيه
يطلب ممثل الإِدعاء توقيع أقصى العقوبة على مذنب استهان بالمبادئ السماوية وأخطأ ضد
خالقه، وممثل الدفاع يطلب استعمال الرأفة مع المتهم المسكين ويطالب بالبراءة. لكن
قضيتنا لم يكن فيها الإدعاء شخصاً والمحامى شخصاً آخر، بل انهما ذات صفات الله
الواحد، الله الرحيم والبار في آن معاً، المحب لكن العادل في نفس الوقت. إذاً فلقد
كانت استقامة صفات الله تأبى مسامحة المذنب الذي يريد الله أن يرحمه إلا على أساس
عادل لهذه المسامحة. فما العمل؟
لقد أستُعلنت
حكمة الله في أسمى صورة إذ وجدت الحل. وكان الحل أن يموت المسيح نيابة عنا على
الصليب وبذلك فإن عدل الله ليس فقط يوافق أو يسمح بتبرير المذنب بل انه يطالب
بتبريره لأنه أستوفى حقوقه الكاملة من البديل والنائب، المسيح يسوع.
الكفارة إذاً
هي الأساس الوحيد الذي عليه أمكن لله القدوس أن يقترب من الإِنسان الخاطئ ليباركه.
وبدونه ما كان ممكناً لبركات الله أن تمنح لجنس آدم
الأثيم.
وفى
المسيح المصلوب إجتمع النقيضان معاً كقول المرنم في
المزمور: الرحمة والحق التقيا، البر والسلام تلاثما
مزمور 85 : 10 . فكلا الرحمة والعدل أصبحا يطالبان بتبرير المذنب الذي آمن
بالمسيح، من ثم جاء هذا الإعلان العظيم الذي هو خلاصة الإنجيل متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح الذي قدمه
الله كفارة، بالإيمان بدمه.. ليكون الله باراً ويبرر من هو من الإيمان بيسوع
روميه 3 : 21 ـ 26 .
ثالثاً : حتمية الكفارة لإعلان محبة اللـه :
عندما كنا
نتحدث عن الخطية الأولى تكوين 3 ذكرنا هذا الإفتراء الذي تضمن في الأقوال السامة
التي قالتها الحية :
ـ الله
غير صادق : فلقد قال لكما
يوم تأكلان منه تموتان ، والحقيقة أنكما لن تموتا.
ـ الله
غير عادل : إذ منعكما من التسلط
على هذه الشجرة مع أنكما رأسا الخليقة.
ـ الله
غير محب : لو كان يحبكما لما
حرمكما من التمتع بشيء ولسمح لكما أن تصيرا مثله.
وعندما أكلت
المرأة من الشجرة، وأعطت رجلها فأكل، كان معنى ذلك أنها قالت آمين على كل هذه
الإفتراءات. وكانت هذه إهانة بالغة لله أمام كل الخليقة.
كان بوسع الله
من أول لحظة أن يثبت أنه صادق. فما كان أسهل أن يوقع حكم الموت على آدم وامرأته في
الحال فيتبرهن أمام الجميع أنه صادق. وإذ ذاك
كانت الخليقة كلها ستعرف أيضاً أنه عادل وبار،
لأن التعدي والمعصية نالا مجازاة عادلة. لكن السؤال الذي كان سيظل بدون إجابة إلى
أبد الآبدين : هل الله محبة؟
لذا فقد سلك
الرب مسلكاً آخر، وأجَّل الرد على افتراءات الشيطان نحو أربعة الآف سنة، واكتفى في
يومها أن يقدم الذبيحة في الجنة.
لكن الذي قدم
الذبيحة الأولى في الجنة، قدم نفسه كالذبيحة الحقيقية على الصليب!
والذي صنع
أقمصة الجلد للإنسان في الجنة، صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا !
والذي ألبس
الإنسان العاري بيديه الحانيتين في الجنة، صار هو نفسه كساءنا
وبرنا!!
يقول الرسول
يوحنا عن المسيح : لأجل هذا أظهر ابن الله لكي ينقُض
أعمال إبليس 1يوحنا 3 : 8 .
ويقول الرسول
بولس أيضاً : أُظهر مرة عند إنقضاء الدهور ليبطل الخطية
بذبيحة نفسه عبرانيين 9 : 26 . وفى الصليب نحن لا نرى فقط كراهية الإنسان
نحو الله، الأمر الذى تمثل في صلبهم لابنه، معلقين إياه على خشبة، بل إننا نرى
شيئاً آخر حدث كذلك عند الصليب، نرى دينونة الله العادلة على الخطية والخطايا.
ولهذا فلقد أُغلقت السماء في وجه ربنا يسوع، واكتنفته الظلمة الرهيبة، وضُرب بسيف
العدل الإلهي، وصرخ إلهي إلهي لماذا تركتني
متى 27 : 46 . على الصليب لم يكن هناك أقل شعاع من شفقة الله الآب، إخترق تلك
الظلمة الحالكة التي غمرت ذاك الذي لم يعرف خطية، حين جُعل خطية
لإجلنا.
هناك
في الصليب أثبت المسيح أن الشيطان كاذب. لقد قال الشيطان في
الجنة لن تموتا لكن عندما مات المسيح على الصليب
أثبت صدق كلمة الله أن أجرة الخطية هي موت رومية
6 : 23 . وعلى الصليب أعلن المسيح بر الله
وعدله فمع أن ابنه الحبيب القدوس هو الذي كان يحمل الخطايا، لكنه تحمل عنها
الدينونة كاملة. وما أعجب نطقه الخالد على الصليب قد
أُكمل.
لكن
الشيء الآخر العظيم الذي أثبته الصليب والذي ما كان يمكن أن يظهر بدون الصليب هو
أن الله محبة. فهل من إعلان عن المحبة نظير صليب المسيح؟!
الله
بيَّن محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا
رومية 5 : 8 .
بهذا
أُظهرت محبة الله فينا أو تجاهنا أن الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكى نحيا به. في هذا هي
المحبة ؛ ليس أننا نحن أحببنا الله، بل أنه هو أحبنا وأرسل ابنه كفارة
لخطايانا 1يوحنا 4 : 9 و 10
لأنه هكذا
أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لايهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة
الأبدية يوحنا 3 : 16
.
نعم يالها من
محبة رائعة أعلنها الله في صليب ابنه يسوع المسيح!!
هذه
المحبة الإلهية العجيبة هي لك أنت أيها القارئ العزيز فهل تقبلها. اقبلها وانج من
الهلاك. اقبلها واستمتع بالحياة الأبدية. اقبلها الآن قبل فوات الأوان
فكيف ننجو
نحن إن أهملنا خلاصاً هذا مقداره عبرانيين 2 : 3
.