ماذا بعد التخرج؟

ماذا بعد التخرج لنيافة الانبا مكاريوس الاسقف العام
ماذا بعد التخرج؟ F

نهنئ من كل قلوبنا كل من حان وقته للتخرج في الجامعة وبهذه المناسبة نود أن نشير إلى عدة ملاحظات:

1- الذي يزرعه الإنسان إياه يحصد: مرت ليالي وأيام التعب والإرهاق والسباق مع الوقت، وشحذ الذهن وتوقع الامتحانات واضطراب الأعصاب، وحان الآن الوقت الذي تجنون فيه ثمرة تعبكم. فالقديس بولس يقول: "الذي يزرعه الإنسان إياه يحصد" (غلاطية 7: 6)، وداود النبي يقول: "إن الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج". فالذي يتعب ويشفى في أوان الحرث والبذر والسقي لابد وأن يفرح ويسر في زمن الحصاد. البعض كان يضع ورقة مكتوب عليها "إذا أعجبتك لذة الكسل تذكر مرارة الفشل"، بينما يقول داود النبي: "سيراً كانوا يسيرون وهم باكون حاملون بذارهم ثم يعودون بالفرح حاملين أغمارهم". الآن عربون لذلك الصوت المفرح: "نعماً أيها العبد الصالح والأمين كنت أميناً على القليل فأقيمك على الكثير".

2- الكفاح لذة: إن الأمر لم ينتهِ عند هذه المرحلة، بل إن الحياة رحلة كفاح مستمرة، وما الدراسة إلا حلقة من حلقاتها. فحياة الإنسان عبارة عن مراحل، كل مرحلة لها هدف نطلق عليه اصطلاحاً (هدف مرحلي)، والشخص المتميز هو ذاك الذي يتخذ من الالتزام نمطاً لشخصيته واتجاهاً ثابتاً في حياته على مختلف الأصعدة، ولا ننسى أن السيد المسيح في مَثَل الوزنات كانت مكافأته للعبد الذي ربح هو مزيد من العمل وليس الراحة، إذ أضيفت إليها وزنات أكثر، فقال له: "نعماً أيها العبد الصالح لأنك كنت أميناً في القليل فليكن لك سلطان على عشر مدن" (لوقا 19: 17). وعندما سأل بعض الرهبان معلمهم كلمة منفعة، قال لهم: "لا تبرحوا مكانًا بدون جهاد كبير، وأما من جهتي فإني أحزم أمري وأمضي إلى حيث يوجد التعب والجهاد يصبح للنفس لذة.

3- اشهدوا للمسيح: الحياة العملية التي تقفون على أعتابها الآن تختلف حياة الدراسة ودفء الأسرة وجو الكنيسة فلسوف تواجهون الكثير من المفارقات، وقد تصطدمون في البداية بما لم تتوقعون.. ستقابلون أنماطاً مختلفة من الناس، ولكنكم تربيتم حسناً وتدربتم بشكل جيد، وتقابلتم مع أمثلة رائعة داخل الإطار الكنسي، ولكن عليكم أن تدركوا أولاً أن الحياة مشوبة بالنقص والضعف، فابدأوا بأنفسكم. المطلوب منكم أن تشهدوا للمسيح في المجتمع، وأن تقدموا ذواتكم نماذجاً للمسيحي الحقيقي في عمله. يجب أن يشعر الذين يتعاملون معكم بأنهم تقابلوا مع شخص مختلف. إنكم ملح للأرض ونور للعالم.

4- رسالتكم في الحياة: هناك أشخاص مروا في هذه الحياة دون أثر أو بصمة أو إضافة، وربما عاشوا مستهلكين ولكن قيمة الإنسان تحسب بقدر ما يبذل ويعطي نفسه عن الآخرين. يجب أن يكون لنا دور في الحياة، وأن نسهم مساهمة شخصية في بناء المجتمع مهما كانت تلك المساهمة صغيرة، فنحن نكمل بعضنا البعض الآخر. إننا نقف بكثير من التقدير والإعجاب أمام الشخصيات التي أثرت الحياة وغيرت شكلها وأضافت إليها ما استطاعت لتجعلها أسهل وأخف لا سيما أمام المرضى والفقراء والعجائز. تخيلوا الحياة بدون الكهرباء أو البنج أو البنسلين. لقد أفنى البعض حياتهم لأجل راحة الآخرين.

5- نحن ننتظر منكم الكثير: لتحققوا ما لم نستطع نحن تحقيقه، لتغطوا ضعفنا وتكملوا نقائصنا. لقد كانت لكم فرصاً أكبر وأكثر بكثير مما كان لنا، كثيرون يتوسمون فيكم الخير مثل الأهل والمدرسين والدكاترة والكهنة والخدام الذين خدموكم، والحكومة التي قدمت لكم الكثير. كل هؤلاء يتوقعون مصيراً أفضل على أيديكم

» ماذا قدم المسيح لنا؟
» ماذا قال الحكماء؟
» ماذا تريد ياقلم ؟؟!!
» ماذا حدث لسيادة اللواء
» 74- ماذا أخذنا من التجسد؟