لازم نعرف معنى كلمة دين واحسن حاجة ان احنا نرجع لاقوال الاباء ومفهومهم عن الدين واهم اباء الكنيسة الارثوذكسية هو القديس اثناسيوس الرسولى وهكذا يظهر أن ما يسميه أثناسيوس بالدَّين ليس مثل الديون المتعارف عليها في الحياة التجارية، أي شيئًا يُدفع، وإنما نعمة تجديد وخلاص. والدَّين يمكن حصره من واقع كلمات أثناسيوس نفسه في النقاط التالية:
أولا: الدَّين هو تجديد الإنسانية وردّ النعمة إليها. وهذا يعني أن صاحب
الدَّين، وهو الله، هو الذي يدفع هذا الدَّين نظرًا لعجز الإنسان. هذا بلا شك يختلف عما هو مألوف في القانون التجاري والمدني في أي مكان في العالم. لأن المدين لابد أن يدفع أو أن يدخل السجن، حسب كلمات الرب نفسه وهو يشير إلى القضاء والمحاكم في دنيا الإنسان "الحق أقول لك لا تخرج من هناك (السجن) حتى توفي الفلس الأخير" . متى ٥
ثانيًا: والدَّين في القانون وفي الحياة هو دائمًا شيءٌ آخر غير كيان الإنسان
نفسه وحياته ومصيره، فقد يكون أموالا أو عقارات أو .. الخ. ولكن لا يمكن – من الناحية القانونية - أن يكون كيان الإنسان نفسه وحياته نفسها محلا للدَّين، وأن يدفع حياته كدين .. هذا غير معروف حتى الآن في كافة فروع القانون.
ثالثًا: ولا يجوز أيضًا في القانون إذا احتكم صاحب الدين إلى المحكمة أن يقوم هو بدفع الدَّين إلى المدين، فكل ما يمكن أن يفعله هو أن يتنازل عن حقه في الدين . ولا يمكن للقانون أن يُلزمه بذلك كرهًا، وإنما يتم ذلك برضاء صاحب الدين في التنازل عن ما يجب دفعه.
هذه حقائقٌ أساسية وهامة؛ لأﻧﻬا تفرض علينا ألاَّ نمزج بين تعليم الله نفسه عن خلاص الإنسان، وأفكار الإنسان ومعتقداته السائدة والقانون الأرضي الذي لا يملك التجديد بالمرة.
وطالما أن المخلِّص ربنا يسوع المسيح جاء لكي يجدد الطبيعة الساقطة، فهذا العمل الإلهي يجب أن نفهمه من خلال كلمة الله نفسها، ومن خلال قدرة الله ونعمته، لا من خلال محتويات وبنود القانون، أيُ قانون. لأن الله عندما أراد أن يخلص الإنسان
لم يلجأ إلى قانون الإنسان، وإنما لجأ إلى قانون الخالق نفسه، وهو قانون تجديد الطبيعة