هل يوجد شفاعة للقديسين؟ هذه سؤال تقليدي لجميع البروتستانت تقريباً ولسواهم، ممن لا يعرفون الكتاب المقدس والكنيسة حق المعرفة، وبخاصة أن مفهوم شفاعة القديسين قد تلوث بالاعتقادات الشعبية والخرافات على مدى العصور. لنحاول الإجابة عليها باختصار، ذاكرين بعض الأمثلة الكتابية لا كلها، معتمدين قدر الإمكان على الكتاب المقدس لكي تصل الإجابة إلى أكبر عدد ممكن من القرّاء.
في لوقا 20: 37-38 يُظهر الرب يسوع أن إبراهيم واسحق ويعقوب هم أحياء عند الله ولسيوا أمواتاً، لأن الله "ليس إله أموات بل إله أحياء، لأن الجميع عنده أحياء". ومثل الغني ولعازر (لو 16: 19-31) يُظهر الغني لم ينسَ إخوته حتى بعد موته. وفي تجلّي الرب على الجبل (متى17: 1-9) يظهر أن موسى لم يكن مائتاً كما نفهم الموت بل كان حياً ويتحدث إلى يسوع. وفي رسالة بولس إلى أهل فيلبي1: 23-24 يقول: " لي اشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدا. 24 ولكن أن أبقى في الجسد ألزم من أجلكم ". فلو كان الإنسان بعد موته يدخل في حالة غير واعية مثل الرقاد أوالنوم، لما فضّل بولس أن يموت و"ينام" ويصير "غير واعٍ"، بل حتماً لكان قد فضّل أن يظلّ حياً في شركة واعية مع المسيح. وفي سفر الرؤيا رأي يوحنا أربعة وعشرين شيخاً "يخرّون... ويسجدون للحي إلى الأبد" (رؤ4: 4-10). هؤلاء الشيوخ هم الذين قد اشتراهم الخروف بدمه من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة (رؤ5: 9). لهذا فهؤلاء الشيوخ ليسوا ملائكة بل بشراً قديسين، يقدمون بخوراً الذي هو صلوات القديسين (رؤ 5: 8). أيضاً رأي يوحنا " نفوس الذين قتلوا من اجل كلمة الله ومن اجل الشهادة التي كانت عندهم " (رؤ6: 9). فهل كانت هذه النفوس في حالة رقاد وغير واعية؟ طبعاً لا. لأن النص يقول: " و صرخوا بصوت عظيم قائلين حتى متى أيها السيد القدوس والحق لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض؟ " (رؤ6: 10)؟. لكن يوحنا يضيف: "وإذا جمع كثير لم يستطع أحدٌ أن يعدّه من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة واقفون أمام العرش... وهم يصرخون قائلين: الخلاص لإلهنا الجالس على العرش وللخروف... آمين. البركة والمجد والحكمة والشكر... لإلهنا إلى أبد الآبدين" (رؤ7: 9-11). هذا الجمع الكثير "هم الذين أتوا من الضيقة العظيمة وقد غسلوا ثيابهم وبيّضوا ثيابهم بدم الخروف. من أجل ذلك هم أمام عرشِ الله ويخدمونه نهاراً وليلاً في هيكله والجالس على العرش يحلّ فوقهم" (رؤ7: 14-15). إذاً كل القديسين الراقدين في المسيح هم "أمام عرش الله"، أحياءً، يسجدون له ويصرخون له، ولا ينسون الذين على الأرض" (رؤ6: 10). أين هي صلوات القديسين هنا؟ إنها مقدمة من ملاك مع البخور "على مذبح الذهب الذي أمام العرش" (رؤ8: 3-4). لاحظ هنا الليتورجيا الكنسية في السماء والليتورجيا المقامة على الأرض هنا هي جزء منها!
لكن المعارضون يقولون: إن القديس بولس يتكلم عن الموتى كراقدين (اتس4: 13)، وبالتالي لا يستطيع الراقدون أن يسمعونا. في النص المقتبس هنا يتحدث بولس إلى الذين فقدوا أحداً بالموت لكي يعزّيهم لكي لا يحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم (1تس4: 13). فالموتى بالنسبة لنا نحن الأحياء هنا يبجون راقدين، لا حياة فيهم، ولا يسمعون ولا يتحركون. هذا بالنسبة للناحية الجسدية، لكنهم أحياء روحياً عند الله.
كيف نعرف أنهم أحياء عند الله؟ بالإضافة إلى ما سبق لنتأمل النقاط التالية: يقول يسوع: "أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي وإن مات فسيحيا" (يو11: 25). "... بل قد انتقل من الموت إلى الحياة" (يو5: 24). والرقاد هو النوم كما فهمه الرسل لمّا قال لهم يسوع إنّ لعازر رقد. وبما أنّ روحه ستعود إليه مثل ابنة يايروس (لو8: 55). فالموت هنا رقاد لأن لعازر سيقوم. فهو حيّ لم يمت. لكن إن كان الله إله أحياء لا إله أموات، فكيف يموت من آمن بالمسيح؟ من الواضح هنا أن الموت ليس بعد موتاً. كل المسيحيين سيموتون جسدياً. لكنهم لا يموتون روحياً. فالموت يفصلهم جسدياً عن الأحياء هنا ولكنه لا يفصلهم روحياً عن الله. الخطيئة وحدها تفصلنا عن الله. أيضاً بما أن كل المسيحيين هم أعضاءٌ في الكنيسة، جسد المسيح الواحد، إذ، "لا موت ولا حياة.. نقدر أن تفصلنا عن محبة الله" (رو8: 38-39). وبما "أن المحبة لا تسقط أبداً" (1كور 13: 8)، فلا توجد قوة للموت علينا. فالمسيح قد قهر الموت بموته.
السؤال هنا: حتى لو كان الراقدون بالمسيح أحياء عند الله، فعلى أي أساس نصلي إلى القديسين طالبين شفاعتهم؟
يقول القديس بولس: "فاطلب أول كل شيء أن تقام طلبات وصلوات وابتهالات و تشكرات لأجل جميع الناس " (1تيمو2: 1). إذاً كان بولس يطلب من كل المسيحيين أن يصلّوا لأجل جميع الناس، فكم بالأحرى أن يطلب من القديسين الذين سبقونا، خاصة أنهم أقرب إلى المسيح كما يشهد القديس بولس عن نفسه (فيلبي1: 23-24). فالموت لا يفصلنا عن الراقدين وعن المسيح كما وجدنا. وقد رأينا مع القديس يوحنا اللاهوتي كيف تُقدم صلوات القديسين مع البخور أمام عرش الرب في السماء (رؤ8: 3 و5: 8). لهذا إذا طلبنا من القديسين أن يصلّوا من أجلنا فإننا نحقق وصية الرسول (1تيمو2: 1)، ونحن على ثقة بأن المسيح سيسمع هذه الصلوات لأنها مقدمة أمام عرشه السماوي (رؤ8: 3).
هنا قد يقول المعارضون: ألم يقل الكتاب: "لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح " (1تيمو2: 5). لماذا نطلب وسيطاً آخر ولدينا وساطة يسوع؟ ونحن نسأل بدورنا: ماذا يعني بولس هنا بكلمة "وسيط"؟ إنه لا يتكلم عن وساطة الصلاة، بل عن المصالحة بين الإنسان الساقط والله بيسوع المسيح الذي وهو الله قد صار إنساناً ليتمّم هذه المصالحة. لو كان بولس يقصد أنه لا يوجد شفيع بالصلاة سوى يسوع فلماذا يطلب أن تُقام صلوات لأجل جميع الناس (1تيمو2: 5)؟ لماذا يطلب بولس مني أن أصلي للآخرين؟ ألا يستطيع الآخرون أن يصلوا من أجل أنفسهم؟ طبعاً يستطيعون، ولكن الله يريدنا أن نكون لحمة واحدة بالصلاة، لهذا نطلب من القديسين، الأحياء والذين سبقونا أن يصلوا من أجلنا. وفي الحقيقة فالذين هم في السماء يستطيعون أن يصلوا لنا أكثر بدون انقطاع.
لكن لماذا يجب أن أطلب شفاعة القديسين وأن يصلوا من أجلي؟ ألا يقول الكتاب إن المسيح وحده هو المخلّص، وبالتالي لماذا لا أصلي له وحده، لأنه سيسمعني حتماً؟ أنا سأوجه هذا السؤال لبولس نفسه، وأسأل، لماذا يا بولس تريديني أن أصلي لأجل جميع الناس (1تيمو2: 5)؟ ألا يستطيع الناس أن يصلّوا لأجل أنفسهم؟
أولاً بالطبع إن المسيح هو المخلص وحده. لكننا لا يمكننا أن نهمل شركة القديسين وشفاعتهم، لأن المسيح نفسه يريدنا أن نفعل هذا. فالمسيح من جهة هو المخلص، لكن الكتاب يقول:
المسيحي يخلّص أيضاً (يع5: 20 ؛ يهو22: 23)؛ القديس بولس يخلّص (رو11: 14)؛ الكرازة تخلّص (1كور1: 21؛ 1تيمو4: 16)؛ المعمودية تخلّص (1بط3: 21)؛ الصلاة تخلّص (يع5: 15)؛ الملائكة تخلّص (أشعيا63: 9).
كيف يخلّص هؤلاء جميعاً؟ أبقوتهم؟ أم بتقواهم؟ بالطبع بالمسيح، وفي المسيح ومع المسيح، وبدون المسيح لا يوجد خلاص. بالطريقة نفسها تخلّصنا صلوات القديسين بالمسيح فقط، لأن المسيح نفسه قال: "إن ثبتم في وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم " (يو15: 7). أي إذا طلب القديسون من أجلنا في الصلاة إلى الرب سيستجيب الرب لهم. إذاً شفاعة القديسين لنا تحقق وصية الرب أن نحب بعضنا بعضاًَ (يو15: 12)، وأن نصلي معاًَ (متى18: 19؛ 1تيمو2: 1؛ كولوسي4: 2-4؛ أفسس6: 18). فلا أحد يُخلَّص وحيداً في الأرثوذكسية. لأننا كلنا جسدٌ واحدٌ، إيمانٌ واحد، وصلاة واحدة، ولا أحد يكمل بدون الآخرين (عبرانيين11: 39-40). إن الإيمان بالمسيح يقودنا إلى المعمودية فنصير أعضاء في جسد المسيح، الكنيسة، فنصلّي من جهة إلى الله، ومن جهة أخرى نطلب من المسيحيين على الأرض وفي السماء، أن يصلّوا من أجلنا (أن يتشفّعوا) إلى المسيح في خلاص نفوسنا. هكذا نحقق كوننا واحداً في المسيح كما طلب المسيح نفسه إلى الله الآب (يوحنا17: 21)..
من جهة أخرى لا يمكن أن تكون شفاعة القديسين حجة لإهمالنا وتقاعسنا في حياة الإيمان والصلاة. لأن صلوات الآخرين لن تفيدنا في هذه الحالة.
ونجد أن بولس الرسول طلب من أهل رمية (15: 30-31) وأفسس وكولوسي وتسالونيكي والعبرانيين وو... أن يصلوا من أجله (راجع كتابنا: هرطقات معاصرة -ضد شهود يهو وو...) الفجوة الكبيرة بين الأرثوذكسية والبدع الغربية هي لاهوت الكنيسة. فإمّا أن يعودوا جميعاً إلى اللوثرية الأصلية وأمّا أن يبقوا في نظري فتات متبعثرة لا تتوفّر فيها أوصاف الكنيسة: واحدة، قدوسة، جامعة رسولية. ليسوا كنيسة بل شراذم مزّقت الكنيسة وخناجرها في ظهرها وبطنها. الرب قال: "من ثمارهم تعرفونهم". ثمارهم هي تمزيق جسد المسيح. من جهة أخرى، الروح القدس الساكن فينا هو الذي يصلّي (رو 8: 15 و26؛ غلا 4: 6). يسوع أوصانا أن نصلّي من أجل أعدائنا. هذا كمالٌ في المحبة. نخرج بذلك من أنانيتنا وقوقعتنا. المفقود الكبير في البروتستانتية هو الشركة. هي فردية أنانية. الأرثوذكسية تجسّد عمق الجماعة الإنجيلية. هي نحن لا أنا. (اسبيرو جبور).
شفاعة القديسين فى الإنجيل
التشفّع يعني التوسّط لصالح احدهم.
نؤمن بشفاعة (أو وساطة) القدّيسين كحقيقة ارادها الله واعلنها الإنجيل.
بعضهم ينكر هذه الشفاعة مستندا الى اقوال بولس: "لأن الله واحد والوسيط بين الله والناس واحد هو المسيح يسوع الانسان الذي ضحّى بنفسه فدى لجميع الناس" (تيموثاوس الاولى 2, 5-6). هكذا، تكون الشفاعة ازاء الله، محصورة إذاً بالمسيح وحده.
هؤلاء الذين ينكرون شفاعة القدّيسين لا ينفكّون يتوسّطون بانفسهم للآخرين. وليكونوا منطقيين مع ذاتهم, يجب عليهم ان يتوقّفوا عن الصلاة للغير.
بولس بالأحرى، يحثّنا لنتشفّع للجميع: انّه يكتب الى تيموثاوس قائلاً: "اطلب قبل كل شيء ان تقيموا الدعاء والصلاة والابتهال والحمد من اجل جميع الناس ومن اجل الملوك واصحاب السلطة.. فهذا حسن ومقبول عند الله مخلّصنا" (تيموثاوس الاولى 2، 1-3). بولس يصلّي لاجل تيموثاوس ولاجل المؤمنين انفسهم ويطلب منهم الصلاة لاجله ولاجل الآخرين:
".. وانا اذكرك ليلا ونهارا في صلواتي" (تيموثاوس الثانية 1، 3).
"حتى اخذت اشكر الله بلا انقطاع لاجلكم واذكركم في صلواتي واطلب من إله ربّنا يسوع المسيح الآب المجيد ان يهب لكم روح حكمة يكشف لكم عنه لتعرفوه حقّ المعرفة وان ينير بصائر قلوبكم.." (افسس 1، 16-17).
"صلّوا كل وقت..وواظبوا على الدعاء لجميع الاخوة القدّيسين ولي انا ايضا حتى اذا فتحت فمي للكلام منحني الله ما اعلن به بجرأة سر البشارة" (افسس 6، 18-19).
"واظبوا على الصلاة.. وادعوا لنا ايضا.." (كولوسي 4، 2-3).
"ويدعون لكم متشوقين اليكم.." (كورنثوس الثانية 9، 14).
"..ونصلي الى الله ان لا تعملوا شرّا..وما نصلّي لاجله هو ان تكونوا كاملين" (كورنثوس الثانية 13، 7-9).
"احمد الهي كلما ذكرتكم ودعوت لكم جميعا بفرح في جميع صلواتي" (فيليبي 1، 3-4).
".. وصلاتي لاجلكم هي هذه: ان تزداد محبتكم عمقا في المعرفة والفهم.." (فيليبي 1، 9).
الرسولان يعقوب ويوحنّا يوصيان ايضا بالتشفّع:
"ليعترف بعضكم لبعض بخطاياه وليصلّي بعضكم لبعض حتى تنالوا الشفاء. صلاة الأبرار لها قوّة عظيمة" (يعقوب 5، 16).
"واذا رأى احد اخاه يرتكب خطيئة لا تؤدّي الى الموت، فعليه ان يدعو الى الله فيمنح اخاه الحياة" (يوحنّا الاولى 5, 16).
الشفاعة تتوّجه الى يسوع المسيح، أو مباشرة الى الآب نفسه بسبب ايماننا بيسوع. هكذا، كون يسوع هو الوسيط الأوحد لا يمنع التشفّع عنده لصالح الآخرين، وهو، بدوره، يتشفّع عند الآب لصالحنا. وما هو افضل من ذلك، إنّ المسيح أعطى المؤمنين به ان يتشفّعوا بانفسهم مباشرة عند الآب، بسبب الحب الذي يكنّونه له. هذا يتجلّى بوضوح من خلال كلمات يسوع: "فيعطيكم الآب كل ما تطلبونه بإسمي" (يوحنّا 15، 16). شفاعة تلامذة المسيح، مباشرة عند الآب واضحة.
ينال يسوع لخاصّته ليس فقط القدرة للتوسّط مباشرة عند الآب، بل يكشف لهم إنهم بإيمانهم به، لن يكون عليه حتى ان يتوسّط لهم. وهو يقول بالفعل: "في ذلك اليوم تسألون باسمي ولست اقول لكم اني اسأل الآب من أجلكم، فإن الآب هو يحبّكم لأنكم أحببتموني وآمنتم أنّي من الله خرجت" (يوحنّا 16، 26-27).
القدّيسون الذين سبقونا الى السماء، كما الملائكة الأحياء والنشطاء: يقدرون أن يتشفّعوا لنا وهم فعلاً يقومون بذلك
الشفاعة هي عبارة عن محبّة وتضامن ثابتين. نحن متّحدون بالصلاة المشتركة والشفاعة المتبادلة مع كل المؤمنين الحقيقيين، أكان هؤلاء لا زالوا يعيشون على الارض، أم كانوا سبقونا الى السماء – سواءً كنّا نعرفهم أم لا -. هذا هو "إتّحاد المؤمنين". إنّه إتّحاد المجتمعَين السماوي والأرضي حول المسيح في عائلة واحدة, بما أن الله هو أبونا. الصلاة، التوسّل للآب، التشفّع لبعضنا البعض يعني أنّا نحبّ بعضنا وأنّ نكون واحداً في المسيح: "ألفرد لصالح المجموعة والمجموعة لصالح الفرد". لقد تضرّع يسوع بحرارة من أجل هذه الوحدة (يوحنّا 17، 21). المحبّة، التضامن، التفهّم، الرأفة، تؤدّي حتما للتوسّل في الشفاعة كما يقول يعقوب (5, 16). ويؤكّد بولس بالقول: "..فهذا حسنٌ ومقبول عند اللّه مخلّصنا" (تيموثاوس الاولى2،1-4). كمّ من الامهات والأباء، كمّ من أناس قدّيسين متوفّين خلّصوا اولادهم وذويهم بدموعهم المذروفة لدى الآب..
في قانا، توسطت العذراء مريم لدى يسوع ليحوّل الماء الى خمر. لقد تعاطفت مع المدعوّين الذين، في وسط جو الزفاف والفرح، نفذ لديهم الخمر "ليدقّوا قدحا بقدح" اكراما للزوجين الجديدين. وقد استجاب لطلبها بسخاء، بقبوله تغيير المخطط الالهي واستباق ساعته (يوحنّا 2، 1-11). وكم بالأحرى تتشفع مريم عندما تكون الظروف صعبة لدى خاصّنها. إنها تتعاطف معهم, تشعر بألمهم، تبرّر موقفهم وتحصل دائما على ما يناسبهم.. بالوقت الملائم. إنّها "الشفوعة الرحومة": الآب والمسيح يسوع لا يرفضان لها أيّ شيء، بما أن، ما تطلبه، هو دائما بحسب الروح القدس.
نستطيع ان نقول وان نكتب الكثير بعد، إكراماً لشفاعة القدّيسين. ما قد فُسِّر هنا يكفي لينير قلبا نقيا يبحث بتجرّد، دون جدال أو تعصّب، عن الحقيقة الوحيدة والفريدة المعلنة من قبل يسوع نفسه ومن قبل رسله، من بعده.
لنذكُر أخيراً بإن يسوع يقول بمحبّة لكل الذين لم يسبق لهم أن طلبوا أي شيء من الآب، أو حتّى لم يتشفّعوا لأحد: " كل ما تطلبونه من الآب بإسمي تنالونه. وما طلبتم شيئا بإسمي حتّى الآن. أطلبوا تنالوا فيكتمل فرحكم" (يوحنّا 16، 23-24).
بما أن شفاعة المؤمنين على الأرض عند الله هي بهذه االقدرة, فكمّ بالأحرى شفاعة القدّيسين الذين سبقونا الى السماء الى جانب الآب.
منقول