أنتم قصدتم لي شرًا، أما الله فقصد به خيراً

يوسف المتألم
قصة يوسف من أكثر قصص الكتاب إثارة وتشويقًا، وأعتقد أن السر في ذلك يكمن في أمرين:
أولاً: نُصرة الشر في البداية وهزيمته في النهاية.

فلو تخيلنا القصة من خمسة فصول، سنرى أن الأربعة منها تنتهي نهاية مأساوية بنُصرة الشر على الخير.
فيوسف بين محبة أبيه وبُغضة إخوته، تنتصر البُغضة على المحبة.
ويوسف بين شراسة يهوذا وطيبة رأوبين، تنتصر الشراسة على الطيبة.
ويوسف بين ثقة فوطيفار وكذب زوجته، ينتصر الكذب على الثقة.

ويوسف بين معروفه مع الساقي وأنانية الساقي، تنتصر الأنانية على المعروف

فمن فصل إلى فصل تزداد دهشتنا كيف أن الشر ينتصر هكذا.
وما يزيد الدهشة والإثارة أنه مع نُصرة الشر وازدياد الآلام، كان يوسف يزداد روعةً وصلاحًا، فيزداد غموض القصة إذ لا نجد في حياة يوسف ما يبرر نُصرة الشر هذه.
لكن العجيب أن هذه الشرور هي نفسها باجتماعها وتفاعلها معًا أخرجت أعظم خير ليوسف

ثانيًا: سلطان الله دون استعلانه
ما يجعل القصة أكثر إثارة، هو أنه بينما نرى الله يُكثر من لقاءاته مع يعقوب؛ سواء المباشرة أو غير المباشرة من خلال الملائكة، لا نجد له أي لقاء مع يوسف، فلا كلمة ولا ملاك يحمي ولا ظهور يطمئِن، كما كان يفعل مع الآباء السابقين.

وكأن الله لا يسمع ولا يرى ما يحدث له

لكن في النهاية نكتشف أنه لم يكن بعيدًا البتة عن عبده، ولم تكن الأحداث أبدًا تجري من وراء ظهره، فهو إن ترك الشرير يمرح فإنما يسخَر من شره في النهاية، مُظهرًا سلطانه في إخراج الخير لعبده من ذات الشرور التي قصدوها له

«أنتم قصدتم لي شرًا، أما الله فقصد به خيرًا»

منقول